المرافعات المدنية والتجارية

لم يورد المشرع الكويتى فى القانون رقم 6 لسنة 1960 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ولا فى المرسوم بالقانون رقم 38 لسنة 1980 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية المعمول به حالياً أى تنظيم لقواعد خاصة تحكم مسولية القاضى إزاء الخصوم . فقد خلا كلا هذين القانونين من تحديد حالات مسؤولية القاضى المدنية ، ومن رسم خصومة خاصة لتقرير هذه المسؤولية ، الأمر الذى لا محيص معه من الرجوع إلى القواعد العامة فى هذا الشأن لأن القاضى يسأل مدنياً عن خطئه مثله فى ذلك مثل غيره من الموظفين ، ولا تتحدد مسؤوليته بقصرها على حالات محددة بذاتها حصراً ، فضلاً عن أن مسؤوليته تتقرر فى دعوى تعويض عادية تحكمها الإجراءات العادية للخصومة المدنية وإذا حكم على القاضى بالتعويض فإن الحكم لا يؤثر فى بقاء عمل القاضى المشوب بالخطأ إذ يظل هذا العمل صحيحاً حتى يلغى بطريقة من طرق الطعن . ولأن القاضى يعتبر تابعاً للدولة فإنها تكون مسؤولة عن خطئه ويجوز اختصامها فى الخصومة ذاتها تطبيقاً للقواعد العامة .

ولما كان الأصل العام فى القانون أن كل خطأ يسبب ضرراً للغير يلزم من أحدثه بتعويضه حسبما نصت على ذلك المادة (227) من القانون المدنى ، فإن تطبيق هذا المبدأ على إطلاقه بالنسبة إلى القاضى فى علاقته بالخصوم يؤدى إلى تعرضه لكثير من دعاوى التعويض التى لا تجعله يشعر بالاستقلال فى الرأى عند إصداره أحكامه فضلاً عن انشغاله بالدفاع فى هذه الدعاوى عن أداء واجبه مما يؤدى إلى تعطيل مرفق القضاء بيد أن هذا لا يشفع فى أن يكون مؤداه إعفاء القضاة من كل مسؤولية مدنية ، لأن خطأ القاضى إذا كان من شأنه التشكيك فى حياده وفى حسن تطبيقه للقانون لا ينبغى أن يحرم المضرور من هذا الخطأ من الرجوع عليه بالتعويض عن هذا الضرر ، ومن ثم لزم وضع القواعد خصوصاً لمسؤولية القضاة المدنية عن أعمالهم فى قيامهم على تحقيق العدالة ، وهذه القواعد ترمى إلى ضمان ألا تؤدى مسؤلية القاضى إلى التأثير فى استقلاله ، وبتحديد الحالات التى يسأل فيها القاضى مدنياً دون سواها بحيث لا يسأل عن كل خطأ على خلاف ما تقضى به القواعد العامة بالنسبة إلى الأفراد ، مع وضع إطار لتقرير هذه المسؤولية يتمثل فى نظام مخاصمة القضاة الذى لا يخضع لكل القواعد العامة ، احتذاء بما جرت عليه التشريعات فى بعض الدول كمصر وسورية وفرنسا وغيرها .

وتأسيساً على ما تقدم أعد هذا الاقتراح بقانون ابتغاء إحاطة القضاة وأعضاء النيابة العامة بضمانة تكفل إشعارهم بالاستقلال والطمأنينة فى انصرافهم إلى الاضطلاع برسالتهم فى محراب العدالة دون خشية التعرض لمساءلات لا حدود لها تقض مضجعهم وتؤثر على أدائهم بوجه عام ، وفى الوقت ذاته توفر لهم رعاية لعدم الغض من مكانتهم أو من التوقير الواجب لهم ، مع تحديد الحالات التى تنعقد فيها مسؤولية القاضى أو عضو النيابة دون سواها مما تحكمه القواعد العامة للمسؤولية المدنية دون إخلائه من القدر من المسؤولية الذى لا يفوت معه حق الأفراد فى التعويض ، ويقضى هذا الاقتراح بقانون بإضافة مواد إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية تنظم مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة وبإضافة باب سادس للكتاب الثالث منه . وتتناول المواد المضافة تحديد الحالات التى تجوز فيها مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة ، والمواعيد الواجب مراعاتها بحسب طبيعة كل حالة وتكييفها وأوضاع كل دعوى ، وتبين إجراءات رفع دعوى المخاصمة ، والجهة التى تتخذ أمامها هذه الإجراءات ، والأوجه والأدلة التى يلزم تقديمها ، والهيئة التى تعرض عليها الدعوى ، والمراحل التى يمر فيها نظرها ، وتقرير جواز قبولها ، ودرجة المحكمة التى تختص بنظرها تبعاً لما إذا كان المخاصم مستشاراً أو قاضياً أو نائباً عاماً أو محامياً عاماً أو عضو نيابة ، وكيفية تشكيلها ، مع النص على أن يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى موضوع المخاصمة من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة ، وعلى أنه إذا قضى بصحة المخاصمة حكم على القاضى أو على عضو النيابة المخاصم ببطلان تصرفه وبالتعويضات والمصروفات ، على خلاف الوضع فى حالة الحكم على القاضى بالتعويض بالتطبيق للقواعد العامة للمسؤولية المدنية ، فى غياب نظام مخاصمة القضاة ، إذ أن هذا الحكم لا يؤثر فى بقاء عمل القاضى المشوب بالخطأ صحيحاً إلى أن يلغى بطريقة من طرق الطعن .

وقد تضمن الاقتراح فى ختام مواده نصاً بعدم جواز الطعن فى الحكم الصادر فى المخاصمة إلا بطريق التمييز لحصر الخصومة المتعلقة بها فى نطاق ينأى عن اللدد ويوفر لطرفيها أوفى ضمانة.

Author : admin

admin

RELATED POSTS

معالي وزير الدولة للشؤون الإقتصادية     |     السؤال الموجة لمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية     |     معالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء     |     معالي وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون الإسكان     |     معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الدولة لشؤون البلدية     |     السؤال الموجة لمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية     |     السؤال الموجة لمعالي وزير الدولة للشؤون الإقتصادية     |     السؤال الموجة إلى معالي وزير التربية والتعليم العالي     |     معالي وزير الشؤون الاجتماعية والعمل     |     السؤال الموجة لمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية     |